-A +A
رامي الخليفة العلي

المتتبع للأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط حتى قبل ستة أشهر لم يكن ليتوقع هذا الزخم الذي يطال مجمل الملفات حتى أكثرها تعقيداً. هناك في الرياض ولدى القيادة السعودية؛ الممثلة في شخص ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من كان يدرك أن المنطقة مقبلة على مرحلة مختلفة وهي تمثل تحدياً للمملكة وللمنطقة برمتها. حين ذاك دارت عجلة الدبلوماسية السعودية متلمسة الخطوط العريضة لهذه المتغيرات بل ومشاركة في رسم ملامح المرحلة المقبلة. فكانت الانطلاقة عبر قمة العلا التي أعادت اللحمة إلى البيت الخليجي، فالتحديات المقبلة لا تحتمل أي شقاق. ثم ما تلا ذلك من تحرك طال مجمل الملفات التي عصفت في المنطقة فكانت مبادرات الرياض تتوالى لتضع أرضية التحرك الأممي الذي نلاحظه حول الملف اليمني فأطلقت الأمم المتحدة حواراً يرتكز على مصلحة اليمن وما فيه الخير للمواطن اليمني، ولولا أن هناك من يريد الشر وحاول جعل اليمن ساحة لتحقيق مآربه لوصل الوضع في هذا البلد العزيز إلى النهاية التي يرغب بها الجميع. راهنت المملكة -كما ذكر الأمير محمد بن سلمان- على البعد اليمني والعروبي لجماعة الحوثي، ولكن مع الرفض أن تكون الجماعة خنجراً مسموماً بيد من يريد الشر باليمن والجزيرة العربية برمتها. نعلم أن هناك تحركات نشطة تجري وراء الكواليس ونعلم أن هناك قنوات فتحت ونأمل كما يأمل الجميع أن تصل إلى النتيجة التي تنتشل اليمن السعيد مما حاق به نتيجة العبث الإقليمي. كما كان للمملكة دورها المشهود في دفع الأوضاع في ليبيا إلى ما وصلت إليه عندما تحقق ما طرحته المملكة على امتداد السنوات الماضية حول فشل الأحلام التي تريد إعادة الإمبراطوريات البائدة وفشل الرهان على الجماعات المتطرفة لأن التطرف جريمة ليس داخل المملكة فقط ولكن في المنطقة برمتها، عندما أدركت الأطراف الأخرى هذه الحقيقة الناصعة أخذ الوضع في ليبيا طريقه نحو الحل. رسم ولي العهد في لقائه الأخير طبيعة العلاقة مع إيران عندما قال: «إيران دولة جارة وكل ما نطمح له أن يكون لدينا علاقة طيبة ومميزة مع إيران. لا نريد أن تكون إيران في وضع صعب، وبالعكس، مزدهرة وتنمو لدينا مصالح فيها ولديهم مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار»، لقد رسم الأمير طبيعة الخلاف مع هذا النظام فهو ليس خلاف وجود ولكن خلاف سياسات انتهجها النظام الإيراني فإذا ما غير سلوكه حول تلك السياسات فإن يد المملكة ممدودة للسلام وتتلخص تلك السياسات في إشكاليات ثلاث: «برنامجها النووي، ودعمها لميليشيات خارجة عن القانون في بعض دول المنطقة، وبرنامج الصواريخ البالستية».

كلمات الأمير محمد بن سلمان أعطت الأمل بأن المنطقة مقبلة على مرحلة مختلفة تعمل المملكة جاهدة لأن تكون مرحلة نمو وازدهار دون أن يعني ذلك التزحزح قيد أنملة عن مواقف المملكة ومصالحها ودفاعها عن الأمن القومي لها وللعالم العربي برمته.